هناك مثل عربي يقول "عذر اقبح من ذنب" و هذا ما وقع فيه الوزير الأول الجزائري السابق "أحمد أويحيى"، حيث صرح خلال جلسة محاكمته السبت الماضي، في قضية فساد خطيرة في قطاع السيارات، التي يتابع فيها الى جانب "عبد المالك سلال"، بأنّه بريء مما هو منسوب له و أن ثروته جاءت نتيجة تلقّيه -في فترة تولّيه رئاسة الحكومة- سبائك من ذهب من أمراء خليجيّين، نظير توقيعه على رخص لصالحهم لممارسة الصيد بجنوب البلاد، و انّه أعاد بيعها - و عددها 60 سبيكة- في السوق السوداء، بـ 350 مليون دينار و أنه حوّل 6 ملايين دينار لزوجته، كما ساعد ابنه وحول له أموالا وهو صاحب شركة “أوتاك للإعلام الآلي”.
وقال "أويحيى"أنه لا يعتبر هذه السبائك الذهبية رشوة بل مجرد هدايا، موضحا أنه سافر إلى الخارج أكثر من 50 مرة في سفريات خاصة، وكان بإمكانه بيع السبائك بالخارج لكنه لم يفعل "لأنها ليست رشوة" (على حد قوله) وفي جوابه عن سؤال للقاضي عن سبب عدم تسييره للأمور بشفافية، قال: “لو سيّرت البلاد بشفافية كانت ستغرق”
و في تعليقه على تصريح "اويحيى" أكد المحامي الجزائري المعتمد لدى المحكمة العليا، "عمار خبابة"، أن التبعات القانونية لهذا الاعتراف أمام مجلس قضاء الجزائر بتلقي هدايا من أمراء الخليج، يمكن أن يقود إلى فتح ملف قضائي منفصل عن الوقائع المتابع فيها حاليا، بالنظر لمخالفته لكثير من التشريعات التنظيمية والضوابط الأخلاقية، موضحا إن هذه العطايا لدى بلوغها أرقاما باهضة يمكن أن تدخل تحت طائلة الرشوة، و مشيرا إلى وجود هدايا متعارف عليها دبلوماسيا، ولكن في حال ما تعلقت بمقابل تقديم الخدمات و التسهيلات فذلك سيفتح بابا لمخالفة جديدة تتعلق باستغلال النفوذ أيضا.
و من باب التذكير فقط فإن "اويحيى" سبق له سنة 2017 و هو وزير أول ان صرح في البرلمان الجزائري بأنه يعمل جاهدا على محاربة الرشوة في كل المجالات، مشددا أن مكافحة الرشوة لا تحتاج إلى تهريج، بل إلى مثابرة، و موضحا أن النص العربي، الصفحة 12، والنص الفرنسي، صفحة 14، من مخطط الحكومة يشيران بوضوح إلى مكافحة الرشوة.
و تجدر الإشارة إلى أن إعادة محاكمة كل من "اويحيى" و "سلال"، تقررت بعد قبول المحكمة العليا الطعن بالنقض المودع من طرف المتهمين، و عددهم عشرون، من بينهم مسؤولون سابقون ورجال اعتمال وموظفون كبار، المتابعون أمام القضاء في تهم فساد عدة ترتبط بقطاع صناعة تركيب السيارات خصوصا منح امتيازات لبعض رجال الأعمال مقابل تمويل انتخابي "خفي" للرئيس السابق "عبدالعزيز بوتفليقة".
وكان "أويحيى" أول من استدعي إلى المنصة للإدلاء بأقواله وقد سئل عن مصدر أمواله التي تُقدّر بنحو 700 مليون دينار (4,3 ملايين يورو) والتي تم إيداعها في عدد من الحسابات، حيث برر الأمر بقضية السبائك الذهبية التي كان يتلقاها كهدايا. موضحا ان رفضه في السابق الحديث عن هذا الأمر كان "لعدم الإساءة للعلاقات التي تربط بلادنا ببعض الدول الصديقة"، و مقرًّا بأنه "لم يقم بالتصريح عن هذه المبالغ".
عن طاقم "الصحراءويكيليكس"
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك