بـقـلـم حـسـام الـصـحـراء
ذات مرة رأى الناس "عنترة ابن شداد" هاربا من ثور هائج فعابوا عليه فراره و هو الجسور القوي الذي تفاخرت ببأسه قبائل العرب، فقالوا له: "أَوَ يَفِرُّ عنترة من ثور هائج !!؟"، فأجابهم : و ما أدرى ذلك الثور بأنني عنترة...، فالثور هنا ليس غير الأمم المتحدة التي أزبدت و أرعدت وتوعدت ثم قررت أن تدهس أحلامنا كاملة و أن تعيد صياغة طموحنا وفق مقاييس مصالح الكبار، أما الهارب من هيجانها ليست غير القيادة الصحراوية الذي تحمل على عاتقها قضية شعب بأكمله و تبحث لها عن مكان لا يصلها فيه بأس "ترامب" و مكر "غوتيريس" و خديعة "كوهلر".
و منذ أن خرج القرار لقرار 2440 الأممي و صحافتنا تعلق بمقالاتها الستائر لتمنعنا من رؤية فشل القيادة الذريع و قدرة المحتل على توجيه الرأي العام الدولي و تأليبه ضدنا، فقررت أن أبادر بهذا التحليل و أبارز في عتمة النضال برأيي لأبين كيف أن ذلك القرار أغلق صفحة جيل بأكمله، ذلك أن القضية الصحراوية دخلت مرحلة الحل الشامل، لكن هذا الحل لا يستجيب لمطلب استقلال الشعب الصحراوي بل يحترم و يحافظ المصالح و المنافع و خيوط العلاقات الجيو-إستراتيجية بالمنطقة.
فمنطقة الساحل و الصحراء تراها الدول الكبرى كنقطة عصب للمصالح بين القارات وجب حمايتها من أي اضطراب قد يؤثر على سلوك الدول المحيطة بها، لأنها تقع غير بعيد من السواحل الأوروبية و أن فوضى ليبيا و تونس يجب أن لا تتكرر في منطقة الساحل، بل و حتى الصين رغم بعدها عن المنطقة صوتت لصالح القرار رغم علمها بمضاره على القضية الصحراوية و أنه قد يغضب قصر المرادية بالجزائر.
فالقوى الكبرى بالمنظمة الأممية تعد لمرحلة جديدة في المنطقة، و الأمر يتعلق بالشطر الثاني من مشروع الشرق الكبير، و الذي يبدو أن خارطته لا تضم مكان للدولة الصحراوية، و الدليل على ذلك أن القيادة تلقت تحذيرا متكررا من المنتظم الدولي، لأجل الحفاظ على الوضع القائم و منعها من نقل أي هياكل إدارية مدنية أو عسكرية إلى المنطقة، التي قالت لنا القيادة أنها محررة و فيما التقرير الأممي أكد أنها عازلة، بل إن الأمم المتحدة ألزمت القيادة الصحراوية بثلاثة شروط أولها إحصاء الساكنة و ثانيها تجنب إحداث ما يؤثر على الأمن بالمنطقة و ثالثها عدم نقل الهياكل، و الغريب أن التقرير أكد على مصداقية المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي و هذه الرابعة قد تكون.. قاتلة.
هنا نحتاج إلى فهم تصويت دولة الصين كي نفهم لماذا الدول الكبيرة لا تعير طموح الشعب الصحراوي أدنى اهتمام، و لا تضع قضية الاستقلال ضمن الأجندات، بل إنها ترفض حتى مراقبة حقوق الإنسان، و الدليل أنها أثنت على عمل اللجان الحقوقية بمدن الصحراء المحتلة، و هذه الشهادة الأممية تصب في صالح المحتل و توقف الجدال حول قضية حقوق الإنسان بالمنطقة و حتى قضية الثروات.
فالصين دولة لا تقامر لأجل الخسارة بل تصنع لنفسها شروط النجاح ثم تستثمر فيها، و لغة الاقتصاد بمنطق الأرقام تقول بأن شركات دولة الصين الشعبية تربح من صفقات الجزائر ما لا يمكنها أن تربحه في أي دولة أخرى، خصوصا و أن بناء مسجد الجزائر الكبير و مشاريع الطرق السيارة و العديد من المشاريع في البنية التحتية، أنعشت خزينتها بمليارات دولارات.. لكن هذا المنطق لا يكفي لإقناع دولة كالصين بالتصويت لصالح القضية، أو حتى اعتماد الحياد السلبي كما فعلت روسيا، بل هناك ما هو أكبر و هذا الأمر..، و يشرح سبب إصرار "ترامب" على محاباة المغرب و ضغطه على "غوتيريس" و "كوهلر" و الجزائر و موريتانيا لخدمة المقترح المغربي و تهيئ المنطقة برمتها لتقبله.
فالقضية تتعلق بالمشروع الفرعوني لنقل بترول نيجيريا بين دول الساحل و إيصاله إلى أوروبا و إنشاء أكبر سوق طاقية في العالم، و تحويل الغرب الإفريقي إلى جنة اقتصادية جديدة، خصوصا و أن العالم برمته ينتظر انتهاء الصراع على الصحراء الغربية لينزل بأمواله إلى الغرب الإفريقي، نضرا لموقع المطل على القارات و أيضا لجعل المهاجرين الذين يموتون على سواحل أوروبا يندمجون في المنطقة كما قال التقرير "منح فرص عمل لشعوب المنطقة"، و هي عبارة ذات دلالات كبيرة يصعب فهمها بمجرد قراءة سطحية، و أن سر الطفرة الاقتصادية في أي مكان في العالم هي الطاقة، و رغم أن الجزائر تحاول تغيير طريق الطاقة التي أطلقها العدو المغربي إلا أن مشروع الرباط – أبوجا أقنع العالم بقدرته على حل مشاكل "الماما أفريكا" و الأمم المتحدة تعمل لإخراجه إلى الوجود بأسلوبها الدبلوماسي الذي رأيناه في القرار 2440، و الصين و باقي شركات الرأسمالية المتوحشة في الشرق و الغرب، دون شك ستدوس أمانينا و ستعمل على الضغط بكل ثقلها لجعل هذا المشروع يرى النور، و كل ما بقي لنا نحن الشعب الصحراوي هو مباركة الحل الذي سيراه الكبار مناسبا لنا و كأننا قاصرون على إيجاد حل يصلح لأجيالنا القادمة، و الحقيقة أن القيادة بالرابوني عاجزة بالفعل حتى عن فهم التقارير.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
sahrawikileaks@gmail.com
|
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك